×


  سوريا و الملف الکردي

  مسد يحتفي بذكرى تأسيسه ويجدد عهده لسوريا ديمقراطية لا مركزية



 

بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس مجلس سوريا الديمقراطية “مسد”، وأولى ذكرى لسقوط النظام البعثي، نظم المجلس احتفالية سياسية جماهيرية في صالة شتو بمدينة الحسكة في مقاطعة الجزيرة، تكريماً لمسار النضال المشترك من أجل الحرية وبناء سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية.

وشهدت الاحتفالية مشاركة واسعة لممثلين عن الأحزاب السياسية، والتنظيمات النسائية، والقوى المجتمعية الفاعلة، إلى جانب ممثلي الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا، وقوات سوريا الديمقراطية، وشيوخ عشائر عربية وكردية.

 

مشروع ديمقراطي قائم على التنوع والعدالة الاجتماعية

وافتتحت الاحتفالية بكلمة ترحيبية ألقتها الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية في مقاطعة الجزيرة، فيفيان بحو أوسي، قالت فيها إن هذه المناسبة لا يمكن اختزالها بذكرى زمنية، بل تُقاس بحجم التضحيات التي قدّمتها الشعوب وبالطريق الذي شقّته بدمائها وإصرارها.

وأكدت أن عشر سنوات من عمر مجلس سوريا الديمقراطية لم تكن مجرد تجربة سياسية، بل مساراً لإعادة الاعتبار للإنسان، ومحاولة لكتابة صفحة جديدة في تاريخ البلاد، لا تُكتب بالقوة والسلاح وحدهما، بل بإرادة الشعب وكلمته الحرة.

وأشارت إلى أن سقوط النظام البائد في ذكراه الأولى أثبت أن من ظنّ نفسه مالكاً للبلاد فشل في كسر إرادة الناس، لأن التاريخ لا يرحم. وأضافت أن “مسد” خاض خلال هذه السنوات اختباراً حقيقياً لبناء نموذج جديد في منطقة أنهكتها الحروب، ورغم الضغوط والتحديات، بقي متمسكاً بمشروع ديمقراطي قائم على التنوع والعدالة الاجتماعية، يضع المرأة في الصفوف الأولى، ويمنح الشباب دوراً شريكاً، ويكفل للمكونات إدارة شؤونها.

وشددت على أن المجلس لم يدافع يوماً عن سلطة، بل عن الإنسان وكرامته وحقه في الحرية، مؤكدة أن المسؤولية اليوم أكبر من أي وقت مضى، وتتطلب حماية ما تحقق بدماء الشهداء، وتعميق أسس الإدارة الذاتية بوصفها حلاً وطنياً لسوريا، ومشروعاً مفتوحاً لكل من يؤمن بسوريا ديمقراطية لا مركزية تضمن كرامة جميع أبنائها.

 

اللامركزية شرط للاستقرار والإدارة الذاتية تمثل مشروعاً وطنياً لسوريا كلها

تلا ذلك، كلمة للرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية، ليلى قره مان، قالت فيها إن سوريا تمرّ اليوم بلحظة مفصلية تحتاج إلى رؤية صادقة تعيد للسوريين حقهم في العيش بكرامة وعلى قدم المساواة، مؤكدة أن تضحيات الشابات والشباب الذين سطروا ملاحم البطولة تشكّل مصدر قوة ودافعاً للاستمرار.

وأوضحت أن إحياء الذكرى العاشرة لتأسيس مجلس سوريا الديمقراطية، بالتزامن مع الذكرى الأولى لسقوط النظام البائد، لا يهدف إلى استذكار الماضي فقط، بل إلى تجديد روح الشراكة الوطنية وترسيخ القيم الديمقراطية بوصفها خيار المستقبل.

وأكدت أن تأسيس “مسد” جاء في مرحلة شديدة التعقيد من تاريخ سوريا، اتسمت بالحروب والتفكك وصعود التنظيمات الإرهابية، وكان استجابة وطنية لإنقاذ البلاد ووقف نزيف الدم وفتح أفق لحل سياسي شامل.

وأضافت أن المجلس حمل منذ انطلاقه مشروع سوريا الديمقراطية التعددية اللامركزية، لا كشعار، بل كممارسة سياسية، مشيرة إلى أن وحدة السوريين كانت ولا تزال الأساس لبناء سوريا المستقبل. وذكرت أن اللامركزية شرط للاستقرار، وأن الإدارة الذاتية تمثل مشروعاً وطنياً لسوريا كلها.

وفي ختام كلمتها، شددت ليلى قره مان على أن المرحلة الانتقالية الراهنة تضع البلاد أمام خيارين: إما بناء دولة عادلة، أو الانزلاق نحو الفوضى، مؤكدة أن مسؤولية القوى الوطنية اليوم هي تحويل هذه المرحلة إلى نقطة انطلاق نحو سوريا حرة ديمقراطية لا مركزية، تصون حقوق جميع السوريين والمهجرين.

 

دعوة السوريين إلى توحيد خطابهم الوطني

ومن جانبه، قال الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، حسين عثمان في كلمة ألقاها: “يسعدنا أن نتوجّه بأحرّ التهاني إلى مجلس سوريا الديمقراطية، وإلى جميع القوى والتنظيمات السياسية المنضوية تحت سقفه، وكذلك إلى عموم شعبنا السوري، بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس “مسد”، التي تتزامن مع سقوط نظام البعث، في لحظة تاريخية شكّلت بداية مرحلة جديدة في تاريخ وطننا، عنوانها السعي نحو الحرية والديمقراطية وبناء الدولة على أسس عادلة”.

وأضاف: ” لقد تأسس مجلس سوريا الديمقراطية في مرحلة كانت فيها الحرب تمزّق الجغرافيا السورية، وفي ظل غياب أي إطار وطني جامع يعبّر عن تطلعات السوريين. ومن رحم تلك الظروف الصعبة، انبثق “مسد” حاملاً رؤية سياسية جديدة، ومشكّلاً مظلة وطنية جامعة للإدارة الذاتية الديمقراطية، واحتضن في صفوفه قوى سورية متعددة من مختلف المكونات، واضعاً هدفه الأساس صياغة سوريا جديدة تقوم على الشراكة واللامركزية، وتضع حدّاً لحقبة طويلة من الاستبداد والتهميش التي خيّمت على البلاد”.

وتابع: “اليوم، نقف أمام مرحلة شديدة الحساسية تتطلّب تضافر جهود جميع الوطنيين من أجل بناء سياسي واجتماعي ومؤسساتي متين. وفي هذا السياق، قدّم مجلس سوريا الديمقراطية، ولا يزال، مشاريع وطنية ديمقراطية ترتكز على مبادئ اللامركزية، والعدالة، والمساواة، وتعزيز المشاركة الشعبية”.

ودعا عثمان “جميع السوريين إلى توحيد خطابهم الوطني، فالمسؤولية مشتركة، واللحظة الراهنة تتطلّب التقارب لا التباعد، والتطلّع إلى المستقبل، لا العودة إلى الوراء”.

ويُذكر أن مجلس سوريا الديمقراطية تأسس في العاشر من كانون الأول عام 2015، خلال مؤتمر عقد في مدينة ديرك أقصى شمال وشرق سوريا.


14/12/2025