في خضم أعمال الكونفرانس الرابع لاتحاد إعلام المرأة بمدينة قامشلو، ألقت إلهام أحمد كلمة باسم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، عبّرت فيها عن رؤية سياسية وفكرية واضحة تجاه مستقبل سوريا، مؤكدة محورية الحل السياسي والحقوقي كأساس لبناء دولة ديمقراطية تحمي حقوق جميع مكوّناتها.
استهلت إلهام أحمد كلمتها بالتأكيد على دور الإعلاميات والصحفيات في نقل صوت الحقيقة وصوت المجتمع، واصفة الصحفية بأنها مشروع شهادة حيّ يواجه خطر العنف والاستهداف دفاعا عن الحق. وأكدت أن كثيرات من النساء اخترن أن يكنّ صوت المجتمع في مواجهة الظلم، وأن إرادتهن تمثل الضمان لاستمرار المشروع الديمقراطي وبناء مجتمع منسجم وعادل.
ولم تغفل إلهام أحمد أبعاد الأزمة السورية الجوهرية، حيث أشارت إلى أن جذور الأزمة تكمن في الانغلاق والإقصاء وسياسة اللون الواحد واللغة الواحدة، موضحة أن هذه السياسات أعادت إنتاج بنى الأزمة ومنعت تأسيس دولة تعددية تحترم هويات ومكونات الشعب السوري. وأضافت أن التدخلات الخارجية موجودة، لكنها لم تكن أصل المشكلة بقدر ما ارتبط جوهرها داخليا بالسلطة وآليات الإقصاء.
وخصت إلهام أحمد حديثها بالجوانب الإقليمية، مؤكدة أن الوضع التركي يؤثر بشكل مباشر على المشهد السوري، وأن تركيا تفرض نفسها على مجريات الأحداث السياسية والأمنية في المنطقة من خلال سياساتها وقراراتها. لكنها شدّدت على أن السيادة السورية ومسار الحل لا يجب أن يُختزل في تهديد أو ضغط خارجي، بل ينبغي أن يُبنى على إرادة وطنية داخلية، وعلى حوارات سياسية وقانونية وحقوقية تُفضي إلى دستور يضمن المساواة والعدالة لجميع المكوّنات.
وأشارت بوضوح إلى أن سوريا يجب أن تبقى منفتحة على جميع المجتمعات والمكوّنات، وأنه لا مكان لصوت التهديد داخل أي عملية وطنية، لأن التهديد لا يحل شيئا بل يزيد الأزمة تعقيدا. وأضافت إلهام أحمد: "الحل لسوريا يجب أن يكون سوريا -سياسيا، حقوقيا وقانونيا- وكل ما عداه يمثل استمرارا للحرب وعدم الاستقرار".
كما تطرقت إلى ملف الحصار والمعاناة الإنسانية، معتبرة أن ما يتعرض له حيا الشيخ مقصود والأشرفية يمثل صورة حية لسياسات الإقصاء التي لا تميّز بين مختلف مكوّنات الحي الواحد؛ فالحصار اليوم لا يطال المكون الكردي وحده، بل يؤثر على حياة جميع السكان من عرب وكرد وتركمان وغيرهم. وأوضحت أن هذه الضغوط ليست مجرد إجراءات أمنية، بل حصار يطال مقومات الحياة والأمان، مؤكدة أن كسره ومواجهة تبعاته لا يتحقق إلا من خلال خطوات سياسية وقانونية تضمن العدالة الاجتماعية وحق المواطنين في العيش الكريم.
وعن مسار الحوارات بين الإدارة الذاتية ودمشق، أشارت إلهام أحمد إلى وجود لقاءات، لكنها نبهت إلى عدم كفاية هذه الحوارات في شكلها الحالي، مطالبة بحوارات أعمق وجدية حقيقية تشمل ملف اللامركزية وحقوق المكوّنات. كما شدّدت على أن رفع العقوبات يجب أن يتم بشكل مدروس ومقترن بخطوات حقيقية تُثبت قدرة السلطات الانتقالية على حماية الحقوق وضمان مشاركة المجتمعات المحلية، وليس أن يكون غطاء لإعادة إنتاج نماذج إقصائية قديمة.
وختمت إلهام أحمد كلمتها بالتأكيد على أن إعادة بناء سوريا تتطلب إرادة شعبية حرة، وسياسات عادلة تحترم التنوع، وحوارا مستمرا يؤسّس لدستور يحفظ الحقوق ويُلغي منطق الإقصاء والتهميش. وأكدت أن المرأة والمجتمع المدني هما القلب النابض لأي مشروع بناء حقيقي، وأن جهود الإعلام والصحافة الحرة ستظلّ ركيزة أساسية في كشف الحقائق ودعم مسار التحوّل الديمقراطي.