*سوران الداوودي
تتعالى بين حين وآخر أصوات تحاول أن تُلبس كركوك ثوب الانقسام، أو تظهرها في إطار قومي ضيق لا يعكس حقيقتها التاريخية ولا هويتها. وفي هذا السياق، جاء تصريح السيد محمد سمعان آغا بخصوص زيارة السيد ريبوار طه لمنطقة المصلى، محاولا تصوير المشهد من زاوية فئوية لا تليق بتاريخ كركوك ولا بطموح أبنائها.
إن الاتحاد الوطني الكردستاني، وفي مقدّمة صفوفه محافظ كركوك ريبوار طه، يؤمن أن كركوك ليست فسيفساء قوميات فحسب، بل لوحة وطنية نادرة، كتب تاريخها أبنائها من الكرد والتركمان والعرب والكلدو آشوريين، وسائر المكونات التي عاشت بسلام مع بعضها البعض ، تشاركوا السراء والضراء ، ذاكرة مشتركة لا يمكن أن تمحوها التجاذبات السياسية ولا العبارات الحادة.
المحافظ أن يزور كل منطقة في كركوك دون استثناء ومن مهامه الأساسية أن يفتح أبواب مكتبه وخدماته لكل المواطنين ، بعيدا عن انتماءات وتوصيفات. وحين يزور منطقة تركمانية، فهو يقوم بواجبه تجاه أهلها، تماما كما يفعل في المناطق الكردية والعربية والمسيحية. ، لا عنوان للدعاية ولا مدخلا للمناكفات السياسية.
من حق كل طرف سياسي أن يبدي رأيه وينتقد ويطرح رؤيته، فهذا جزء من العمل الديمقراطي، لكن من واجبنا جميعا عدم جعل النقد منبرا لنسف قيم التعايش أو التشكيك بشرعية العمل الإداري والحكومي لمجرد الاختلاف السياسي. فشرعية المحافظ ثابتة بالقانون والدستور، ومكانته تستمد من خدمة الناس، لا من حسابات انتخابية أو انفعالات ظرفية.
كركوك لا تُدار بعقلية “المناطق المحظورة”، ولا تُختزل بحدود خطاب قومي أو حزبي. هي مدينة الجميع، ومن واجب كل مسؤول فيها أن يعمل لكل أهلها دون تمييز. وهذا ما يؤمن به الاتحاد الوطني الكردستاني، ويطبّقه السيد ريبوار طه بسياسة الباب المفتوح، والخدمة المتساوية، والحرص على تعزيز الثقة بين الدولة والمواطن.
لسنا في سباق على الشعارات، ولا في معركة استعراض إعلامي. نحن في مسار بناء وتثبيت سلم في مجنمع كركوك يدوم ولا يتاثر بالازمات السياسية ويتجاوز الحسابات الضيقة نحو أفق وطني أرحب. فمن حق التركمان أن يعتزوا بدورهم وتاريخهم، ومن حق العرب والكرد وسائر المكونات أن يفخروا بجذورهم، لكن الحق الأكبر أن نحافظ جميعا على كركوك آمنة، مزدهرة، عادلة، جامعة.
إقامة المشاريع والشوارع التي تُعبد، والخدمات التي تُقدَّم، ليست دعاية لأحد، بل حق مكتسب للمواطن وواجب لا يناقش على من يتصدى للمسؤولية. ومن يختار خدمة الناس لا ينشغل بالرد على التصريحات، وانما يستمر في العمل بصمت وثقة. وهذا ما سيفعله المحافظ، وهذا ما سيظل عليه نهج الاتحاد الوطني الكردستاني.
كركوك ستبقى مدينة الجميع لا مدينة الاصطفاف، وملتقى القلوب لا ميدان الاتهام، ولن يغيّر الخطاب المتوتر من الحقيقة الأهم التي تؤكد أن قوة كركوك هي في وحدتها، وأن خدمتها شرف لا يمكن أن يحتكره أحد أو يمنعه أحد.
ريبوار طه سيبقى في خدمة أهلها كافة، والاتحاد الوطني الكردستاني سيظل صمام التعايش فيها، مهما علت الأصوات ومهما تبدلت الحسابات. فالمواقف تُقاس بالفعل لا بالقول، والمدينة أكبر من أي جدل عابر.