×


  المرصد الصيني

  افتتاحية : الصين ومسارت تحوله الى دولة ذات رؤية بعيدة المدى



 

*افتتاحية صحيفة "الشعب " الصينية اليومية

اختُتمت الدورة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني بنجاح في 23 أكتوبر. وحظيت الخطة الخمسية الخامسة عشرة باهتمام دولي واسع، حيث أعربت جميع الأطراف عن ثقتها في استمرار دور الصين كركيزة استقرار وقوة دافعة للنمو العالمي، وأعربت عن أملها في تقاسم أفضل لفرص التنمية في عملية التحديث الصيني النمط.

إن الصياغة العلمية والتنفيذ المتواصل للخطة الخمسية يُعدّان أسلوبا أساسيا في الحوكمة لدى الحزب الشيوعي الصيني، ونافذة بالغة الأهمية للمجتمع الدولي لفهم التحديث الصيني النمط. "الصين دولةٌ ذات رؤية بعيدة المدى، وهي أمةٌ تتطلع إلى المستقبل بحق".. يعكس هذا الشعور الصادر عن رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو مونتي إعجاب المجتمع الدولي الواسع بحكمة الصين في الحوكمة، والتي تشمل كلا من الخطط الخمسية والأهداف المئوية.

ومن أهم أسباب نجاح الصين في تحقيق معجزة تنموية ستعيد صياغة تاريخ البشرية، صياغتها وتنفيذها المتواصل للخطط الخمسية، مستفيدة من مزايا النظام الاشتراكي، وملتزمة باستراتيجية وطنية موحدة، وملتزمة بمخطط واحد. فمنذ تنفيذ لخطة الخمسية الأولى عام 1953 وحتى اختتام "الخطة الخمسية الرابعة عشرة" هذا العام، تطورت الصين من دولة زراعية فقيرة وضعيفة إلى أكبر قوة صناعية وثاني أكبر اقتصاد في العالم. وإن التنفيذ المتواصل للخطط الخمسية المتعاقبة، مع الحفاظ على فهم راسخ للواقع، دفع عجلة التحديث في الصين إلى الأمام. وعلى الصعيد العالمي، حظيت الخطط الخمسية الصينية بإشادة واسعة، وأصبحت عنصرا أساسيا في استخلاص الدروس من التجربة الصينية.

كما أن خلال فترة "الخطة الخمسية" الرابعة عشرة، وفي مواجهة الوضع الدولي المعقد والمهام الشاقة والثقيلة للإصلاح والتنمية والاستقرار الداخلي، استجابت الصين بفعالية لسلسلة من المخاطر والتحديات الرئيسية، واستجابت لمختلف أوجه عدم اليقين بيقين التنمية عالية الجودة: ومن المتوقع أن يتجاوز النمو الاقتصادي 35 تريليون يوان، وتجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 13000 دولار أمريكي لمدة عامين متتاليين، لتحتل مرتبة بين البلدان ذات الدخل المتوسط المرتفع. وقد احتلت الصين مكانة راسخة في صدارة صناعة التصنيع العالمية لمدة 15 عاما متتالية، وظل متوسط مساهمتها السنوية في النمو الاقتصادي العالمي عند حوالي 30٪... وبغض النظر عن كيفية تغير البيئة الخارجية، تصر الصين على تركيز جهودها على القيام بقضيتها الخاصة، بثقة أكبر وقناعة أكثر رسوخا.

يقف العالم اليوم عند مفترق طرق من التغيرات العميقة والاضطرابات، حيث يكتنف الغموض العالم. وبتنسيق الخطة الاستراتيجية الشاملة للنهوض العظيم للأمة الصينية مع التغيرات العميقة غير المسبوقة منذ قرن، ستُحدث قدرة الصين على الحفاظ على اليقين وسط مشهد دولي مضطرب بلا شك تأثيرا أكبر على التنمية العالمية. ويُقدم "اقتراح اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بشأن صياغة الخطة الخمسية الخامسة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية"، الذي استعرضته وأقرته الجلسة العامة، تصميما رفيع المستوى ومخططا استراتيجيا للتنمية على مدى السنوات الخمس المقبلة، ويمثل هذا الاقتراح تعبئة وانتشارا عاما آخر لاغتنام الزخم ومواصلة دفع عجلة التحديث في الصين. ويجمع المقترح بين رؤية بعيدة النظر للوضع الأوسع ونهج عملي يركز على حل المشكلات.

 وقد عززت خطوطه العريضة الواضحة والدقيقة لاتجاه التنمية ثقة المجتمع الدولي في تنمية الصين بشكل كبير. "سيُشكّل هذا المؤتمر السوق العالمية للسنوات الخمس المقبلة" "وهذا الترتيب المؤسسي تحديدا هو ما يُمكّن الصين من دفع عجلة التنمية الوطنية بكفاءة وتحقيق أهدافها طويلة الأجل" "ومن المتوقع أن يُهيئ المزيد من فرص التنمية ويُقدّم حلولا أكثر فائدة للعالم" ... تُظهر الملاحظات والتوقعات من جميع الأطراف بوضوح أن الصين، الملتزمة بتقاسم الفرص والسعي لتحقيق التنمية المشتركة مع الدول الأخرى، تتحول بشكل متزايد إلى "واحة من اليقين" في عالم مضطرب، مُساهمة باستمرار في التنمية العالمية من خلال الاستقرار والتعاون والتقدم.

إن تحقيق التحديث الاشتراكي عملية تاريخية تتسم بالتقدم التدريجي والتطور والتقدم المستمر. وتُعد فترة الخطة "الخمسية الخامسة عشرة" فترة حاسمة لترسيخ الأساس وتحقيق التحديث الاشتراكي على أكمل وجه. وبالحفاظ على العزيمة الاستراتيجية، وتعزيز الثقة بالنصر، وإظهار المبادرة التاريخية، ستواصل الصين شقّ مسارات جديدة للدفع الشامل لقضية النهضة العظيمة للأمة من خلال التحديث الصيني النمط، وسيُتيح التطور الجديد للصين مجالا أوسع للتنمية السلمية والتعاون المربح للجميع بين جميع دول العالم.

 

أين أصابت الصين، لتنجح في قيادة المستقبل؟

مع كل منعطف تاريخي مهم، يتمكن الحزب الشيوعي الصيني دائما من فهم الموقع التاريخي وتغيرات الأوضاع، ووضع استراتيجيات صحيحة، لقيادة الشعب الصيني من أجل التغلب على المخاطر والتحديات، والبقاء دائما في مقدمة العصر. ستعقد الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية الـ20 للحزب الشيوعي الصيني في بكين من 20 إلى 23 أكتوبر الجاري، حيث ستناقش مقترحات بشأن صياغة الخطة الخمسية الـ15 للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية ووضع تصميم رفيع المستوى للتنمية خلال السنوات الخمس المقبلة، ودفع التحديث على الطريقة الصينية لتحقيق المزيد من الاختراقات الكبرى.

تعتبر الخطة الخمسية آلية مهمة بالنسبة للحزب الشيوعي الصيني لممارسة الحوكمة والإدارة، كما تمثل "كلمة السر" في عملية فهم التحديث على الطريقة الصينية. من الخطة الخمسية الأولى إلى الخطة الخمسية الرابعة عشرة، ظلّ العمل مركزا دائما على بناء دولة اشتراكية حديثة. حيث لم يغيّر التحديث على الطريقة الصينية الصين فحسب، بل غيّر أيضا عملية التحديث في العالم النامي، ويُنظر إليه من قبل الخبراء الأجانب كنموذج للتخطيط الاستراتيجي طويل الأمد.

لقد عملت التحديثات الصينية على حل مشكلتين "مستحيلتين" بشكل نموذجي وهما:

-إكمال عملية التصنيع التي استغرقت مئات السنين في الغرب خلال بضعة عقود،

-وخلق معجزتين كبيرتين هما التنمية الاقتصادية السريعة والاستقرار الاجتماعي طويل الأمد. حيث نجحت الصين خلال 8 سنوات فقط في انتشال ما يقرب من 100 مليون من سكان الأرياف من خط الفقر وذلك من أجل تمكين أكثر من 1.4 مليار شخص من التقدم نحو الحداثة. هاتان الظاهرتان "اللتان لم يسبق لهما مثيل" تظهران مدى عظمة وخصوصية التحديث الصيني.

 

لماذا تستطيع الصين تحقيق ذلك؟

المفتاح يكمن في القيادة الرشيدة والتوجيه الفكري. حيث يمارس الحزب الشيوعي الصيني التخطيط بعناية ويعمل بدقة، وتوفر أفكار الرئيس شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد إجابات علمية على أسئلة الصين والعالم والشعب والعصر، وتقدم توجيها نظريا وعمليا للتحديث على النمط الصيني.

يعد الإصرار على التنمية عالية الجودة الحقيقة الصلبة في العصر الجديد. إذ تدعم الصين هذا التوجه من خلال القوى الإنتاجية الجديدة، وتدفع بالتحول الشامل نحو تنمية اقتصادية وبشرية خضراء.

وقد حققت السيارات الجديدة الصديقة للبيئة، والمصانع الخضراء، ونظم الطاقة المتجددة إنجازات بارزة، لتجعل الصين قوة رائدة في مجال التنمية الخضراء على مستوى العالم. ومنذ أن تم طرح مفهوم "الجبلان" (مفهوم المياه الصافية والجبال الخضراء ثروة لا تُقدر بثمن، وهو يتعلق بالتناغم بين الإنسان والطبيعة) قبل عشرين عاما، أصبح هذا المفهوم متجذرا في كافة مجالات بناء الحضارة البيئية، مقدما نموذجا صينيا للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي.

 

المثابرة على تبني نهج يركز على كون الشعب يأتي في المقام الأول، ودفع التنمية عالية الجودة مع تحسين جودة الحياة:

إن الإجراءات التي تم اتخاذها مثل تحديث المدن وإحياء الريف وإقامة ملايين المشاريع، تحسن باستمرار مستوى معيشة الشعب، كما يستمر دائما تقليص الفجوة في دخل السكان بين المدن والأرياف. ويوفر السوق الضخم الذي يزيد عدد سكانه عن 1.4 مليار نسمة قوة دافعة للنمو المستمر، كما أصبح قطاع الخدمات مصدر قوة للتنمية.

التمسّك بالموائمة بين التنمية والأمن، وضمان التقدّم المستقر نحو التحديث اعتمادا على الحوكمة الفعّالة:

شهدت سيادة القانون في الصين تقدما مطّردا، إذ أسهم قانون تعزيز الاقتصاد الخاص وقانون الاستثمار الأجنبي في تحسين بيئة الأعمال وتعزيز الثقة بالسوق. كما رفعت الحوكمة الرقمية مستوى الكفاءة، فيما واصلت الحوكمة الشعبية ابتكار آليات جديدة للمشاركة والإدارة. وهكذا تبرز "حوكمة الصين" كمثال على فعالية النظام ومزاياه المؤسسية.

 

العمل على توسيع الانفتاح الخارجي عالي المستوى، والسير على طريق التنمية السلمية:

 تمكنت الصين من جذب استثمارات أجنبية تزيد عن مئات مليارات الدولارات لسنوات متتالية، وتستمر منصات مثل مناطق التجارة الحرة التجريبية ومعرض الصين الدولي للاستيراد في توسيع الانفتاح. وتساهم المبادرات الصينية مثل البناء المشترك للحزام والطريق عالي الجودة ومبادرة التنمية العالمية في تعزيز بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية، مما يظهر مسؤولياتها كدولة كبرى.

لقد تمكنت الصين من تجاوز الكثير من الصعاب والعراقيل، لكن ومع ذلك مازال أمامها الكثير من التحديات. بينما لا يفصلها عن تحقيق التحديث بشكل أساسي سوى عشر سنوات، وفقط أكثر من 20 سنة لبناء دولة اشتراكية قوية وحديثة بالكامل. وتحت القيادة القوية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني برئاسة الرفيق شي جين بينغ، وبناء على فكره الاشتراكي ذي الخصائص الصينية للعصر الجديد، فإن روح الكفاح يحفز الأمة الصينية كلها، والمستقبل والمجد سيكون لها بالتأكيد.


30/10/2025