×


  حوارات

  قوباد طالباني: بغداد هي العمق الاستراتيجي لإقليم كوردستان



 

يقول قوباد طالباني إن العمق الاستراتيجي لإقليم كوردستان هو بغداد، لكنه انتقد الحكومة الاتحادية قائلا: "هكذا لا تدار الدولة". أدلى قوباد طالباني، نائب رئيس وزراء إقليم كوردستان، بهذه التصريحات الأربعاء (8 تشرين الأول 2025)، في ملتقى ميري بأربيل.

وأضاف: "المشكلة لا تكمن فقط في أن الدستور [في العراق] لا يطبق كما هو، بل هناك العديد من مشاريع القوانين العالقة في بغداد والتي تملأ الفجوات الدستورية. وهذا الأمر يتم في بغداد، وإذا كان الكورد أقوياء في بغداد، فسيكون بإمكانهم سد هذه الثغرات".

 كانت جلسة قوباد طالباني في ملتقى ميري مخصصة للمشكلات بين إقليم كوردستان وبغداد.

 وقال قوباد طالباني بخصوص قانون النفط والغاز: "إذا كان هناك قانون للنفط والغاز، فلن يكون لكوردستان فحسب، بل سيكون جيدا للبصرة والأنبار أيضا. كما أنه يمنح البلاد المزيد من الطمأنينة لكي تأتي الشركات العالمية إلى العراق وتعمل دون تردد".

نص الأسئلة وأجوبة قوباد طالباني:

 

يجب أن نتجاوز ممارسة السياسة بمزاجية

*كيف تقيمون العلاقات بين حكومة إقليم كوردستان وبغداد؟

 قوباد طالباني: هي علاقة شهدت دائما تقلبات. الآن ونحن جالسون في هذه القاعة، هناك نوع من التنسيق، ونوع من الاتفاق، ولكن قد يكون الوضع مختلفا غدا. لذا يجب أن نتجاوز هذا القلق، وأن نتجاوز ممارسة السياسة بمزاجية. يجب أن تعود العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان إلى مبادئ الدستور العراقي والعلاقة المؤسساتية؛ علاقة بين المؤسسات الرسمية، من وزارة إلى وزارة، ومن برلمان إلى برلمان؛ وأن تبتعد عن هذا النوع من العلاقات الذي يكون جيدا في يوم وسيئا في آخر.

 يوم تُقرأ فيه قراءة معينة لقرار، وفي اليوم التالي تُقدم قراءة أخرى. لذلك الآن ونحن جالسون، هناك اتفاق ويجري إعداد القوائم، وسمعنا أخبارا جيدة بأنه ستُصرف الرواتب، لذا الآن بعد أن طرحت علي هذا السؤال، أقول إن الوضع ليس سيئا.

 

يجب أن يترسخ فهم لدى المؤسسات الاتحادية بأن العراق دولة اتحادية

*ربما تبدو العلاقات بين أربيل وبغداد أكثر استقرارا الآن، أليس كذلك؟

 قوباد طالباني: هذا المصطلح "العلاقة بين أربيل وبغداد" في حد ذاته، خاطئ؛ الخطأ الأكبر يكمن في هذا المصطلح. عاصمة إقليم كوردستان هي أربيل ويجب أن تمثل كل إقليم كوردستان. وعاصمة العراق هي بغداد ويجب أن تمثل كل العراق.

سؤالي هو هل هذا صحيح؟ لذا أعود مرة أخرى إلى ضرورة العودة إلى العلاقة المؤسساتية وفهم ما أعتقد أنه يجب أن يترسخ في إقليم كوردستان وهو: العمق الاستراتيجي لإقليم كوردستان هو بغداد. نحن كإقليم كوردستان، وبالطبع أنا سعيد لأن حزبي، الاتحاد الوطني الكوردستاني، قد فهم هذا وبذل جهودا كبيرة لتعزيز موقعه في بغداد، لكي تتم النقاشات والمباحثات حول المصالح العليا لإقليم كوردستان في بغداد، وليس في السليمانية وأربيل. يجب أن نصل إلى هذا الفهم كإقليم بأن عمقنا الاستراتيجي هو بغداد.

من ناحية أخرى، يجب أن يترسخ فهم لدى المؤسسات الاتحادية بأن العراق دولة اتحادية، وأن إقليم كوردستان كيان دستوري له حقوقه ومسؤولياته ضمن إطار الدستور العراقي.

لكن أين تكمن الفجوة؟ الفجوة لا تكمن فحسبُ في أن الدستور لا يطبق كما هو، بل هناك العديد من مشاريع القوانين التي لم يقرّها البرلمان العراقي بعد، وهي ضرورية لسد الثغرات الموجودة اليوم في الدستور العراقي. وهذه الفجوات لا يمكن سدها في أربيل أو السليمانية، بل في بغداد. بقوتنا، بوحدتنا في بغداد، يمكننا سد هذه الثغرات.

 

لماذا نقول إننا قوتك في بغداد؟

*يجب اتخاذ خطوات عملية بين إقليم كوردستان وبغداد لإيجاد حلول مناسبة لمعظم المشكلات. كيف؟

 قوباد طالباني: هذا صحيح تماما. نحن الآن في خضم الحملة الانتخابية لانتخابات البرلمان العراقي.

 لا أريد أن أجعل من هذا فرصة للدعاية، ولكن انظر إلى خطاب الأطراف السياسية، فكله موجه نحو أن نكون أقوياء في بغداد، وخاصة حزبي الذي يقول: "نحن قوتك في بغداد". لماذا نقول إننا قوتك في بغداد؟ لأن هذه القضايا الكبرى تُحل مرة أخرى في بغداد. نحن سعداء بأن إقليم كوردستان وبغداد قد توصلا إلى اتفاق بشأن استئناف تصدير النفط، يوجد اتفاق، ويوجد توقيع، لكن هذا الأمر ليس مستقرا. العراق لديه مصدر دخل واحد، وهو النفط، لكنه لا يملك قانونا لتنظيم هذا القطاع. كيف يمكن لدولة كبيرة يبلغ عدد سكانها 46 مليون نسمة أن يكون مصدر دخلها الوحيد ثروة طبيعية كالنفط، ولا يوجد قانون لإدارة هذا القطاع؛ هذه كارثة. لهذا السبب، نحن بحاجة إلى قانون للنفط والغاز يتم إقراره في بغداد، لكي نبتعد عن التفسيرات المختلفة التي نعانيها منذ عام 2007؛ حول ما هي صلاحيات إقليم كوردستان، وما هي صلاحيات الحكومة الاتحادية، وما هي الصلاحيات المشتركة.

 أنت نفسك تتذكر، بصفتك مستشارا، كم مرةٍ سُئلت عن هذه القضايا عندما كنت في بغداد. لذلك، عندما يكون لديك قانون، ويتم إقراره وتطبيقه، حينها تصبح الأمور واضحة ونخرج من مزاجية الأفراد، كأن يقول أحدهم "والله أنا غاضب اليوم ولن أطبقه" و"أنا مسرور اليوم وسأطبقه".

 

فراغ كبير للكورد والكوردستانيين في قمة مركز صنع القرار في العراق

*إذا لم يكن هناك قانون للنفط والغاز، فربما يبقى الوضع على ما هو عليه بالنسبة لإنتاج النفط، لأن بعض الأطراف لا تريد إقرار هذا القانون. هل هذا صحيح؟

قوباد طالباني: قد تكون هناك أسباب كثيرة. أتذكر أنه في عام 2007 كانت هناك مسودة، وفي 2010 كانت هناك مسودة، وفي 2012 كانت هناك مسودة، وفي 2018 كانت هناك مسودة أخرى، والآن هناك عدة مسودات.

ولكن لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو، وهذه ليست مهمة تُناط بالحكومة الاتحادية وحدها. أعود مرة أخرى إلى زمن فخامة الرئيس مام جلال، ففي ذلك الوقت كانت القضايا الاستراتيجية تُناقش وتُحل في بغداد، والقضايا الاستراتيجية المتعلقة بالعراق والمنطقة والشؤون الدولية والوضع بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية، كانت جميعها تُناقش هناك.

منذ فترة مرض فخامة مام جلال وبعد وفاته، حتى الآن، حدث فراغ كبير جدا للكورد والكوردستانيين في قمة مركز صنع القرار في العراق. الآن نحن نغير هذه الرؤية ونقول إن بغداد هي عمقنا الاستراتيجي. يجب أن نثبت أننا ذهبنا إلى بغداد، ونذهب بقوة، ليس بالقوة العسكرية، بل بالقوة الجماهيرية والسياسية والدستورية، لنتناقش ونناضل هناك من أجل الحقوق الدستورية لجميع مكونات الشعب العراقي، لا للكورد فحسبُ.

إذا كان هناك قانون للنفط والغاز، فسيكون ذلك جيدا للبصرة، وجيدا للأنبار، وجيدا للمناطق الأخرى التي تمتلك ثروات طبيعية. إنه يمنح البلاد المزيد من الثقة والطمأنينة لكي تأتي شركات النفط العالمية وتعمل ضمن إطار قانوني. يوجد الآن نوع من القلق، صحيح أن الفرص متاحة والشركات تعمل، لكنها جميعا تشعر بالقلق لأنه لا يوجد إطار قانوني لحماية استثماراتها ومهامها. لذلك، أعتقد أن قانون النفط والغاز، كما أشرتَ حضرتك، يمكن أن يصبح الدستور الاقتصادي للعراق. صحيح أنه طالما أن النفط هو المصدر الوحيد للبلاد، فبالتأكيد عند إقرار القانون، يجب على الدولة أن تعمل على تنويع إيراداتها، وأن تولي أهمية أكبر للزراعة كما فعلنا نحن في إقليم كوردستان، مع الشكر والتقدير لوزير الزراعة في إقليم كوردستان. يجب أن نولي اهتماما أفضل بفرص الطاقة المتنوعة. نتجه الآن في إقليم كوردستان نحو وضع تتجه فيه مشكلة الكهرباء نحو الحل. يجب أن نولي أهمية أكبر للاستثمار في الفرص المختلفة وألا نعتمد على النفط فحسبُ.

ماذا سيحدث للعراق إذا عاد سعر النفط في السوق العالمية إلى 50 دولارا أو 45 دولارا أو أقل؟ ستحل كارثة، حينها لن تكون رواتب إقليم كوردستان مشكلة فحسب، بل ستكون رواتب البصرة مشكلة أيضا. لذلك، ما هو البرنامج الموضوع لحماية اقتصاد العراق في أوقات تقلبات أسعار النفط؟ هذه هي القضايا التي يجب على السياسيين على مستوى عالٍ أن يضعوا الرؤية لها، وعلى الحكومة الاتحادية كجهة تنفيذية أن تنفذها، وعلى إقليم كوردستان ككيان دستوري-سياسي أن ينفذ حصته من ذلك البرنامج العام.

 

نؤمن برؤية مام جلال لكركوك

*حدثنا عن الوضع في كركوك. كيف هو؟

قوباد طالباني: هل تعلم أنني من اهل كركوك؟ نحن تلاميذ مام جلال، ولسنا مجرد أولاد مام جلال، بل تلاميذ مام جلال، والاتحاد الوطني هو حزب مام جلال. لذلك، فإن سياسات الاتحاد الوطني، بدءا من رئيس الحزب ووصولا إلى كل عضو وكادر في الاتحاد، سواء داخل الحزب أو في الحكومة، نؤمن برؤية مام جلال لكركوك. يجب أن يكون لجميع المكونات مكانة في كركوك، وأن تعتبر جميع المكونات كركوك ملكا لها، في الحكومة، وفي اقتصادها، وفي مجتمعها، وفي تاريخها حاضرا ومستقبلا، خاصة المكونات الأصيلة في كركوك من الكورد والتركمان والعرب الأصليين في مناطق كركوك، والمسيحيين الكرام الأصليين في كركوك. ولهذا كانت هذه سياسة الاتحاد الوطني أيضا، فمحافظ كركوك الحالي كوردي ومن الاتحاد الوطني، وأنا أثني عليه، لأنني لم أرَ السيد ريبوار يعمل للكورد وحدهم في كركوك. أراه يظهر يوما في حي تركماني، ويوما في حي عربي، ويوما في حي مسيحي، ويوما عند الإخوة والأخوات الكاكائيين. ربما يكون ظهوره الأقل في الأحياء ذات الأغلبية الكوردية في كركوك.

صحيح أن الإخوة والأخوات التركمان يقاطعون بطريقة ما مجلس المحافظة والمناصب الإدارية، وهذا أمر لا أحبّذه، لكنه [ريبوار طه] يتشاور أيضا مع الإخوة والأخوات التركمان قبل اتخاذ أي خطوة، كما يتشاور بشكل جيد مع الإخوة والأخوات العرب قبل اتخاذ أي خطوة. لهذا، صحيح أن السيد ريبوار صديقنا ومن حقنا أن نمدحه بعض الشيء، لكن منذ اليوم الأول لتسلمه مهامه، أبلغه كل من الرئيس بافل وقيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني بالقول: "يا سيد ريبوار، أنت الآن محافظ كركوك، ولست محافظا لكورد كركوك". وأعتقد أننا إذا قيمنا بضمير حي أعماله ونشاطاته وزياراته وطريقة تنفيذه للمشاريع، فسنرى كيف وزع المشاريع بحكمة على مختلف المناطق، وكيف أن كركوك اليوم أكثر نظافة مقارنة بالماضي، وطرقها أكثر تنظيما، وخدماتها أفضل، وعمل المؤسسات فيها أفضل من ذي قبل. أعتقد أنه قام بعمل جيد ونتوقع منه أن يقوم بعمل أفضل. إنه يحاول، وربما لا يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك في هذه الأجواء، لكنه مستمر. وبالطبع، ليس هو وحده، فمعه فريق جيد، وقد قمت بزيارة فريقه الذي ضم عربا وتركمانا وكوردا مستقلين. الفريق الذي شكله يعمل بجد وبروح كركوكية، وهذه هي سياسة مام جلال، وهذا هو نهج مام جلال، وهذا هو برنامج مام جلال.

 

مناخ مهم لاتفاق جديد وملائم

*هل تعتقد أنه سيكون هناك حوار بين الأطراف لمشاركتهم في حكومة كركوك المحلية؟

قوباد طالباني: باب الحوار ليس مغلقا. أعتقد أنه إذا كان الوضع السياسي في إقليم كوردستان في تلك الفترة قد شهد توترا بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، وربما كان أحد جيراننا قلقا بعض الشيء من ذلك الوضع، فإذا ما تجاوزنا قليلا نفسية تلك الفترة ونظرنا إلى كركوك بعيون اليوم، أعتقد أنه لن يكون قرارا صعبا للغاية على إخواننا وأخواتنا التركمان أن يعودوا لتولي مهامهم، وعلى الإخوة والأخوات العرب الآخرين الذين هم خارج العملية السياسية، أن يعودوا إلى مجلس المحافظة والإدارة.

إذا نظرنا إلى الوضع بعين الحساسية التي كانت سائدة قبل بضع سنوات، نعم، كان الأمر صعبا جدا، ولكن اليوم ولحسن الحظ، الوضع أكثر هدوءا والعلاقة بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي أفضل، والعلاقة بين الاتحاد الوطني وتركيا أفضل إلى حد ما، لذلك أعتقد أن هذا المناخ الحالي، خاصة لمكان مهم مثل كركوك وللتوصل إلى اتفاق جديد، هو أكثر ملاءمة.

 

من يريد خدمة كركوك، يجب أن يؤدي واجباته ومسؤولياته

*هل يمكننا القول إن القضايا التي ذكرتها كلها يتم التعامل معها كحزمة واحدة لكركوك؟

قوباد طالباني: لا، أعتقد أنه لا داعي لربط هذا الأمر بمفاوضات وعملية تشكيل حكومة إقليم كوردستان.

أعتقد، وأعتذر من الإخوة والأخوات في الحزب الديمقراطي، أنهم قد تضرروا من مقاطعتهم لمجلس المحافظة والحكومة المحلية في كركوك، ولم يستفيدوا.

اسأل أي عضو في الحزب الديمقراطي من سكان كركوك، فستجده فخورا من أعماق قلبه بأن كورديا هو محافظ كركوك، ولكن ما العمل، لقد اتخذ حزبهم قرارا وهم ملتزمون به. عندما يتخذ الحزب قرارا، تقوم كوادره بتنفيذه،

لذلك من الصواب أن يراجعوا هذا الأمر، ولا داعي أبدا لأن يصبح هذا جزءا من مفاوضات تشكيل حكومة إقليم كوردستان. أعتقد أن كل من يريد خدمة كركوك، يجب أن يؤدي واجباته ومسؤولياته التي منحه إياها أهالي كركوك عبر الانتخابات وثقتهم وأصواتهم.

 

كلما تفرقت الأطراف الكوردستانية، ضعفت

*هل تعتقد أن الأحزاب السياسية الكوردستانية ستتوحد في بغداد بعد انتخابات البرلمان العراقي؟

قوباد طالباني: لقد أثبت التاريخ أنه كلما تفرقت الأطراف الكوردستانية، ضعفت، وكلما توحدت، كنا أقوياء. هذا ليس بالأمر المعقد جدا. نحن في إقليم كوردستان، الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني حزبان متنافسان، ومنذ وجودنا ونحن نتنافس، حتى قبل تأسيس الاتحاد الوطني كان هناك تنافس داخل الحزب الديمقراطي. هذا أمر طبيعي جدا في سياسة إقليم كوردستان وكيفية إدارته أن يكون هناك تنافس واختلاف في وجهات النظر، إنه أمر طبيعي جدا وعكسه هو غير الطبيعي. ولكن بالنسبة لبعض القضايا الاستراتيجية المتعلقة بمستقبل إقليم كوردستان، فمن الواجب أن نكون موحدين؛ إذا لم نتوحد في تشكيل الحكومة المقبلة، فسيتضرر إقليم كوردستان. وها قد عزفوا الموسيقى، مما يعني أن الوقت قد انتهى.

 شكرا جزيلا لكم، دمتم سالمين.


12/10/2025