×


  الطاقة و الاقتصاد

  تفاعل واسع مع «اتفاق تاريخي» على تصدير نفط كردستان



أعلنت الحكومة العراقية وحكومة كردستان التوصل إلى اتفاق تاريخي مع 8 شركات نفطية دولية، يقضي باستئناف صادرات النفط من الإقليم إلى تركيا عبر خط أنابيب «كركوك - جيهان».

ويُعدّ الاتفاق، الذي جاء بعد أكثر من عامين من التوقف، تحولاً استراتيجياً في قطاع النفط العراقي، ويؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات المنظمة والشفافة بين بغداد وأربيل، بضغط من الولايات المتحدة الأميركية.

وحسب «رويترز»، أكدت 3 مصادر أن صادرات النفط الخام من إقليم كردستان العراق إلى تركيا ستُستأنف يوم السبت، ما يضع حدّاً لفترة طويلة من التوقف، ويبدأ مرحلة جديدة من التصدير المنظم.

وقال وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، في مؤتمر صحافي، إن الاتفاق ينص على تسليم نحو 190 ألف برميل يومياً من نفط الإقليم إلى شركة تسويق النفط الوطنية «سومو»، إضافة إلى تخصيص 50 ألف برميل للاستهلاك المحلي في كردستان. وتُباع الكميات المخصصة للتصدير عبر المنظومة الوطنية للأنابيب وخط «العراق - تركيا»، وتُودع إيراداتها في الخزينة العامة للدولة.

ووفقاً لما ورد في قانون الموازنة الاتحادية يتقاضى الإقليم 16 دولاراً عن كل برميل لتغطية تكاليف الاستخراج والنقل، مع الاتفاق على إجراء تقييم للتكاليف الفعلية من قبل استشاري دولي مستقل، ما يُتيح إمكانية تعديل التعويضات بأثر رجعي.

 

خلفية قانونية وسياسية معقدة

وجاء الاتفاق بعد سنوات من التوترات والنزاعات القانونية والسياسية، أبرزها حكم محكمة التحكيم الدولية في باريس عام 2023، الذي ألزم تركيا بوقف استيراد النفط من الإقليم دون موافقة بغداد، وهو ما أدّى إلى توقف خط «جيهان».

كما قضت المحكمة الاتحادية العليا في بغداد بحصرية تصدير النفط بيد الحكومة الاتحادية، ما أنهى الجدل حول شرعية صادرات الإقليم المنفردة.

 

الاتفاق سيُحقق شفافية في بيع النفط، ويقطع سبل التهريب

وقال مصدر مُخوّل لصحيفةـ«الشرق الأوسط» اللندنية إن «الاتفاق سيُحقق شفافية في بيع النفط، ويقطع سبل التهريب، ويضمن وصول الإيرادات النفطية من جميع مناطق العراق إلى الخزينة الاتحادية المشتركة».

وأكد المصدر أن إعادة تفعيل خط الأنابيب تحسن من الأوراق التفاوضية للعراق مع تركيا في ملف التحكيم وتجديد اتفاقية خط «جيهان».

 

السوداني :انه اتفاق تاريخي

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد اعلن التوصل إلى اتفاق «تاريخي» مع إقليم كردستان، تتسلّم بموجبه وزارة النفط الاتحادية النفط الخام المنتج من الحقول الواقعة في كردستان، وتصدّره عبر الأنبوب العراقي - التركي.

وكتب السوداني على حسابه الخاص على منصة «إكس» إن هذا «يضمن التوزيع العادل للثروة، وتنويع منافذ التصدير، وتشجيع الاستثمار».

 

الاتفاق الثلاثي يدخل حيز التنفيذ

وأعلنت وزارة النفط الاتحادية، السبت 27 أيلول 2025، استئناف عمليات تصدير النفط الخام من إقليم كوردستان عبر الخط العراقي–التركي.

وقالت الوزارة في بيان ، إن "عمليات التصدير انطلقت عند الساعة السادسة صباحا بانسيابية عالية من دون تسجيل أي معوقات فنية"، مؤكدة أن ذلك "يعكس نجاح التعاون بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم".

واكدت وزارة النفط الاتحادية في بيانها أن " استئناف عمليات تصدير النفط الخام من إقليم كوردستان عبر الخط العراقي–التركي يمثل خطوة مهمة في مجال الإدارة المشتركة للثروات الوطنية، ويعزز استدامة الصادرات النفطية بما يدعم الاقتصاد الوطني".

وأكد وزير النفط حيان عبد الغني، يوم السبت، أن حجم كميات نفط الإقليم المصدرة تبلغ 190 ألف برميل يوميا.وقال وزير النفط لوكالة الأنباء العراقية: إنه في "يوم 25 تم توقيع الاتفاق الثلاثي بين وزارة النفط العراقية ووزارة الثروات الطبيعية إضافة إلى الشركات العاملة في الإقليم بالحقول المنتجة لتسليم الإقليم الى وزارة النفط 180 إلى 190 ألف برميل نفط يومياً وحجز 50 ألف برميل لأغراض تشغيل المصافي الداخلية".

وتابع أن "الاتفاق مع الإقليم على استئناف التصدير كنا نترقبه وتحقق اليوم بضخ النفط الخام باتجاه نقطة الاستلام القريبة من فيش خابور على الحدود العراقية التركية".

وأوضح وزير النفط العراقي، أنه "من ‏180 إلى 190 ألف برميل يومياً يتم تصديره سوف يضرب هذا العدد بسعر النفط الخام الذي بلغ حالياً 65$، ومقابل إنتاج كل برميل سيتم دفع 16$ وذلك بموجب التعديل الأول على قانون الموازنة، وتم توقيع جميع الشركات على هذا الاتفاق، لذلك أصبح ملزماً على جميع الشركات الأجنبية التي وقعت".

 

تصدير كميات أكبر

وأكدت شركة تسويق النفط الوطنية (سومو)، يوم السبت، أن العراق يستطيع تصدير كميات أكبر من النفط بعد عودة أنبوب جيهان، فيما أشارت إلى أنه لدينا كميات نفط فائضة سيتم تعويضها.

وقال ممثل العراق في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» وشركة تسويق النفط (سومو)، محمد عدنان النجار، "عند زيادة الحصة يجب الأخذ بنظر الاعتبار لعدة أمور منها، هل السوق العالمي يتحمل كميات إضافية أو سيؤدي إلى فائض وبالتالي يؤدي إلى انخفاض في الأسعار، بالإضافة إلى الطاقة التصديرية للعراق".

وأشار إلى أن «العراق حاليا يصدر 3 ملايين و400 ألف برميل يومياً من مجموع 4 ملايين، وقد بدأ سقف الصادرات بارتفاع خلال الفترة السابقة، وذلك بسبب قرارات (أوبك) بعودة الكميات المقطوعة، ولدينا كميات فائضة يتم تعويضها"، مضيفا أن «العراق باستطاعته تصدير أكثر من الكمية الحالية بعد عودة أنبوب جيهان، وأيضاً المشروعات المخطط لها في ميناء البصرة، وإذا تم تشييدها من الممكن إضافة مليون برميل مما يساعد في زيادة الصادرات".

 

 

يؤسس لاتفاقات طويلة الأمد

وكانت ثماني شركات نفط دولية عاملة في إقليم كردستان، تمثل أكثر من 90 في المائة من الإنتاج، أعلنت الأربعاء، أنها توصلت إلى اتفاقات مبدئية مع الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان لاستئناف صادرات النفط.

ويمثل هذا الاتفاق انفراجة تسمح بتدفق نحو 230 ألف برميل من النفط الخام يومياً عبر خط الأنابيب العراقي - التركي المتوقف منذ مارس (آذار) 2023.

وقالت رابطة صناعة النفط في كردستان في بيان إن من المتوقع أن يسمح هذا الإطار، باستئناف الصادرات خلال الأيام المقبلة، مع تمهيد الطريق نحو ترتيبات طويلة الأجل.

أعلن مدير عام شركة التسويق النفطية العراقية «سومو»، علي نزار فائق، حول تفاصيل الاتفاق الثلاثي الذي جرى التوصل إليه بين وزارة الثروات الطبيعية بإقليم كردستان، ووزارة النفط الاتحادية والشركات العاملة في إنتاج نفط الإقليم، مشيراً إلى أنه يؤسس لاتفاقات طويلة الأمد.

وقال، خلال مؤتمر صحافي، إن «الاتفاق بين بغداد وأربيل جاء بمهنية عالية وعبر تفاوض بنّاء، وشمل التفاوض المباشر مع الشركات المنتِجة في الإقليم، وتمكّنا من التوصل إلى آلية مُحكمة لتسديد استحقاقاتها وفق قانون الموازنة».

وأضاف أن «الاتفاق أشار إلى أن يكون التعويض بمقدار 16 دولاراً لكل برميل يُتسلَّم من قِبل شركتنا، وسنقوم بإيداع مبلغه، وفق السعر العالمي، في حساب العراق بالبنك المركزي الأميركي، ويجري التعويض لوزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان بمقدار الـ16 دولاراً للبرميل».

وتابع: «وسيجري التعويض عيناً بالبراميل المنتَجة من الحقول في كردستان وفق آلية مطبّقة بالتعويض والدفع العيني للشركات الموجودة في الجنوب». ولفت إلى أنه «سيجري، من الآن، التعاقد مع شركة استشارية متخصصة من قِبل وزارة النفط العراقية الاتحادية، لإعادة دراسة كلفة الإنتاج والنقل عن كل حقل، ومقارنتها بـ16 دولاراً للبرميل، وسيجري التعويض، على ما سيقرره تقرير تلك الشركة الاستشارية، بأثر رجعي منذ تاريخ تسلّم شركة تسويق النفط لإنتاج إقليم كردستان، الذي من المقرر أن يُستأنف صباح يوم السبت، الساعة السادسة صباحاً».

وشدد على أن «هذا الاتفاق لن يكون مؤقتاً، بل سيؤسس لاتفاقات طويلة الأمد، وسيكون إنهاء لكل الخلافات في المرحلة السابقة، كما أن عائدات النفط ستعود بالنفع لموازنة العراق الاتحادية».

ولفت إلى أن «ضخ النفط بكميات محددة، الآن، عبر خط جيهان التركي، سيمكّننا من التفاوض بقوة أكبر مع أنقرة».

 

أعقد الاتفاقيات في تاريخ الدولة العراقية

في هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي، إن الاتفاق يُمثل «واحداً من أعقد الاتفاقيات في تاريخ الدولة العراقية»، لأنه أنهى استخدام ملف النفط بوصفه ورقة ضغط سياسي بين الحكومة الاتحادية والإقليم.

وأضاف الفيلي أن «كثيراً من الجهات السياسية حاولت عرقلة هذا الاتفاق، لأنه سيُغلق الباب أمام أي احتقان مستقبلي يمكن أن تستفيد منه أطراف سياسية معينة»، مشيراً إلى أن الاتفاق «سينظم العلاقة بين الطرفين، وسيُلزم بغداد والإقليم بتسديد المستحقات المالية والنفطية، خصوصاً فيما يتعلق برواتب موظفي الإقليم».

 

 

ابيكور: واشنطن على اطلاع على الاتفاقية

أكد المتحدث باسم رابطة صناعة النفط في كوردستان أن استئناف تصدير النفط من إقليم كوردستان سينعش اقتصاد العراق، متوقعاً وصول حجم التصدير من كوردستان إلى 230 ألف برميل يومياً.

وقال مايلز كاكينز المتحدث باسم رابطة صناعة النفط في كوردستان إن "نتوقع وصول مستوى تصير النفط في كوردستان إلى 230 ألف برميل يومياً"، مبيناً أن "إن "تحديد تسعيرة 16دولار لاستخراج برميل النفط هو شيء مؤقت".

وأشار كاكينز إلى أن "واشنطن على اطلاع على الاتفاقية الثلاثية الخاصة باستئناف تصدير النفط، وهناك ثلاث شركات نفطية أميركية نشطة في إقليم كوردستان"، وأن "الولايات المتحدة وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تركز على زيادة إنتاج الطاقة على مستوى العالم"، مشيراً أن "ارتفاع نسبة الإيرادات في العراق يؤدي إلى إنعاش البلد، ومن المهم لأميركا تنامي اقتصاد العراق لأن العراق صديق وثيق لأميركا".

 

الاتفاقية تضمن حقوق الدولة الاتحادية والاقليم والشركات العاملة

وقال وكيل الوزارة النفط الاتحادية لشؤون الاستخراج باسم محمد خضير في مؤتمر صحفي: "تم الوصول بعد فترة طويلة الى اتفاق ثلاثي بين وزارة النفط ووزارة الثروات الطبيعية والشركات المشغلة للحقول النفطية داخل الإقليم".

واضاف ان"الاتفاقية الثلاثية وضعت جميع الالتزامات التي تضمن تسليم النفط المنتج من الحقول داخل الإقليم من قبل وزارة الثروات"، لافتا الى انه "لا يحق لوزارة الثروات بيع النفط خارج الالية المعتمدة في العراق".

وذكر ان "الحكومة العراقية تلتزم وفقا للقانون بتسديد المستحقات المالية حسب قانون الموازنة لكل برميل 16 دولاراً"، مشيرا الى ان "الاتفاقية تضمن حقوق الدولة الاتحادية والاقليم والشركات العاملة".

 

العبرة في التنفيذ

على صعيد متصل، أكد مقرر كتلة الاتحاد الوطني الكوردستاني في مجلس النواب العراقي، أن العبرة في الاتفاقات هي بتنفيذها على أرض الواقع.

وقال كاروان يارويس مقرر كتلة الاتحاد الوطني، في تصريح لـ PUKMEDIA: "خلال الفترة الماضية أبرمت العديد من الاتفاقات، ولكنها لم تنفذ، لذا فإن العبرة بالتنفيذ، فهذا الاتفاق الذي دخل اليوم حيز التنفيذ ليس أهم من قانون الميزانية وقرار المحكمة الاتحادية والاتفاقات الأخرى، إن لم يتم الالتزام بها من قبل الأطراف الموقعة عليها".

وأضاف كاروان يارويس: "كما قلنا سابقا، فإن أصل المشكلات بين اقليم كوردستان والحكومة الاتحادية هي الملف النفطي، وحل هذا الملف يفتح الباب أمام حل المشكلات الأخرى، ولاسيما المستحقات المالية للاقليم"، مشيرا الى أن "مواطني كوردستان عانوا كثيرا وكانوا المتضرر الأكبر من الخلافات، والآن ينبغي أن يكونوا المستفيد الأول من هذا الاتفاق، على الأقل من ناحية تسلم رواتبهم بانتظام، بما في ذلك رواتب الأشهر المتأخرة".

وشدد مقرر كتلة الاتحاد الوطني على أن التزام الطرفين بالاتفاق، سيحيي الثقة بين الاقليم وبغداد، كما يساهم في تسهيل ضمان مستحقات اقليم كوردستان، عند إقرار الموازنة الاتحادية العامة، في الحكومة المقبلة التي ستتشكل بعد انتخابات مجلس النواب العراقي.


28/09/2025