×

  رؤى حول العراق

  أداء السلطة التنفيذيّة بين الواقع والتشكيك



*زهير كاظم عبود

 

قد تجد الحكومات المتعاقبة على حكم العراق بعد 2003 العذر في تأخير عمليات البناء والترميم وعرقلة مساعيها في تنفيذ خططها ووعودها، ومن الانصاف ان نتذكر الفترات العصيبة التي مرت بها تلك الحكومات، مرورا بالمواجهات المسلحة لقوات الاحتلال ومواجهة اشرس التنظيمات الإرهابية التي حلت في العراق ( تنظيم القاعدة ) وصفحات المواجهات التي اشغلت القوات المسلحة وقوات الامن، وصولا إلى التفجيرات والاغتيالات والعبوات الناسفة وتسلل الإرهابيين عبر الحدود، ثم القتال الطائفي بين الاخوة.

 وبعد كل هذا تأتي صفحة “داعش” الإرهابي لتستكمل المواجهات التي دفع خلالها شعبنا خيرة ابناءه البررة لمواجهة هذا التنظيم الإرهابي، ومن ثم التصدي للقضاء عليه ودحر فلوله خلال سنوات من القتال والتضحيات الجسام.

عدد من الحكومات لم تف بوعودها، وتسبب هذا الامر بانعدام ثقة المواطن بالحكومات السابقة واللاحقة، بالإضافة إلى الحاجة الماسة لحملة وطنية للقضاء على الفساد فعليا وانتشار الاشاعات التي تستهدف زرع عدم الثقة في كل ما تقدم عليه الحكومات الجادة، في حين ان المطلوب التوازن بين الإخفاقات التي يتم الكشف عنها وبين الإنجازات التي لابد من توثيقها، وان تتم التفرقة بين النقد الهادف وبين التشوية والتشكيك المتعمد.

غير ان الحكومة الحالية وهي تتقدم بخطى بطيئة لإنجاز بعض المشاريع التي تجدها مهمة وقد تأخرت وهي تتقدم لترجمة بيانها ووعودها إلى اعمال تخدم المواطن العراقي في جميع الأحوال، وتعيد لبغداد الجميلة اناقتها واصالتها وتتقدم بمشاريع الاعمار في السكن، تتعالى بعض الأصوات للتقليل من أهمية هذه الجهود، وتحاول للأسف زراعة الشك من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، مع ان النقد الهادف والرصين يمكن ان يكون اتاحة فرصة لهذه الحكومة لتلافي الخلل والفشل في المشاريع، الا ان زراعة التشكيك يحبط الامل ويضعف المعنويات التي نحتاجها اليوم لدعم الحكومة.

الحروب والصفحات المريرة التي مرت على العراق ساهمت بإضعاف ثقة الناس بالحكومة وبجميع مؤسسات الدولة، الا ان الانصاف يوجب على كل مواطن ان يجعل من الامل للمستقبل قاعدة للتقييم، فالمشاريع الحقيقية ينبغي ان نلمسها على الأرض ونطالب الحكومة ان توسع إنجازاتها في المدارس والمؤسسات الصحية والطرق وشبكات الكهرباء والمياه، ومواكبة الاعلام المنصف لأي انجاز خلال عمل الحكومة، ومواجهة تلك الصفحات التي تحاول ان تلغي كل منافذ الامل بالإصلاح، وان تحاول التقليل حتى من مواجهة حالات الفساد التي ينبغي ان يتم رصدها ومواجهتها من قبل المواطن بالتكاتف مع الحكومة.

ان تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة من أول صلاحيات الحكومة التي ترسم خطط التنمية، ومثل هذا التخطيط يحتاج إلى فعل لا يمر عبر الترويج للإحباط، بل عبر الرقابة الواعية والمحاسبة العادلة، وان نعيد الثقة بالحكومة وبمؤسساتها، وان نحاول بقدر الإمكان ان نتعاون جديا من اجل خلق عراق مزدهر، ومحاولة اكمال جميع جوانب الإصلاح للاقتصاد العراقي وفق أسس علمية مدروسة.

على ان تأخذ الحكومة بعين الاعتبار الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي تحتاج الدعم والاسناد، وكل هذا يحتاج إلى دعم ومشاركة مجتمعية من منظمات المجتمع المدني في الرقابة على المشاريع، وبحاجة ماسة لإعلام وطني مسؤول يعتمد الحقيقة ويصارح الناس بها، وان نتشارك في حملة محاربة الفساد بجميع اشكاله وان نجدد ثقتنا بالقضاء.


29/05/2025