×

  رؤا

ديفيد إغناتيوس:مهمة إسرائيل في إيران تتسلل إلى تغيير النظام

23/06/2025

صحيفة"واشنطن بوست"/ الترجمة والتحرير: محمد شيخ عثمان

 

  

لحروب إسرائيل تاريخٌ من توسع نطاق المهام. وفي هذا التقليد من التصعيد المتواصل، تتجه الحملة الإسرائيلية التي بدأت صباح الجمعة ضد البرنامج النووي الإيراني بلا هوادة نحو تغيير النظام.

بمشاهدة الصور التلفزيونية من طهران، ترى أن إسرائيل توسّع نطاق رؤيتها. يوم الأحد، كانت النيران المتصاعدة تحيط بقيادة شرطة طهران الكبرى، التي يكرهها الكثيرون باعتبارها مركزا للقمع. ويوم الاثنين، كان الهجوم على مقر التلفزيون الحكومي الإيراني، ناشر الدعاية الحكومية، ما دفع المذيعة الجامدة ذات الحجاب الداكن والشادور إلى ترك مقعدها في منتصف البث.

جاءت أوضح إشارة على توجه إسرائيل نحو قلب النظام في تعليق أدلى به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين. وعندما سألته قناة ABC News عما إذا كانت إسرائيل تخطط لاستهداف المرشد الأعلى علي خامنئي، أجاب نتنياهو: "نحن نفعل ما يلزم".

الاغتيال ليس الطريق إلى دولة قوية، لكن من الواضح أننا في مرحلة جديدة، كما وصفها أفضل مراقبي الشؤون الإيرانية الذين أعرفهم. قال كريم سجادبور من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي خلال مقابلة يوم الاثنين: "لقد أمضت الجمهورية الإسلامية عقودا في السعي للقضاء على إسرائيل. والآن، يبدو أن إسرائيل تسعى إلى القضاء عليها". ووافق بهنام بن طالبلو، مدير الشؤون الإيرانية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، على ذلك قائلا: "تتمتع إسرائيل بحرية العمل في سماء إيران. والآن يمكنها قيادة حملة مضادة للنظام".

لن تجد مني أي نقاش حول أن الوقت قد حان للتغيير السياسي في طهران. منذ الثورة الإسلامية عام ١٩٧٩، يسفك النظام الديني دماء الإسرائيليين والأمريكيين والسعوديين وكل من عارض أوامره. السؤال هو: كيف سيأتي التغيير؟ ما هو الطريق نحو دولة ديناميكية تليق بشعب إيران المبدع والمثقف؟

 

إليكم حقيقة واضحة:

 لا يمكن لإسرائيل أن تشق طريقها إلى إيران الجديدة بالقصف. فحملة قصف كهذه التي تشهدها طهران تدفع الناس إلى الاحتماء والانطواء، وكثيرا ما تدفعهم إلى القتال بشراسة. لم يكسر القصف الاستراتيجي إرادة الشعب البريطاني أو الألماني أو الياباني خلال الحرب العالمية الثانية. كما أنه لم يدمر حماس في غزة بعد.

قال لي علي رضا نادر، المحلل الإيراني المخضرم في مؤسسة راند والمستشار المستقل حاليا: "إيران في وضع ما قبل الثورة. لكنني أتساءل عما إذا كان الناس قادرين على الانتفاض أثناء القصف الجوي. أخشى أنه لا توجد خطة. سيصمد النظام، وستزداد الأمور سوءا".

لقد خاطرت إسرائيل بهذا الهجوم، ولا أقصد التقليل من شأن الخطر عليها أو على المنطقة. يصف سجادبور هذين الخطرين بإيجاز: "قد يؤدي هذا إلى زعزعة استقرار النظام أو ترسيخه. قد يوقف البرنامج النووي أو يسرّعه".

خلال حديثي مع خبراء في الشؤون الإيرانية، سمعت شعارا واحدا متسقا: أفضل طريقة لحشد الإيرانيين هي مساعدتهم على بناء دولة أكثر ثراء وتقدما وتكاملا. في كثير من الأحيان في الماضي، فعل مخططو الاستخبارات الإسرائيليون والأمريكيون عكس ذلك. حاولوا استغلال الانقسامات العرقية في إيران - خليطها من الكرد والأذريين والعرب والبلوش - ضد طهران.

كثيرا ما سخرت إسرائيل من جيرانها في الشرق الأوسط ووصفتهم بأنهم مجرد "قبائل ذات أعلام" وحاولت استغلال التوتر الطائفي. هذا خطأ، كما يجادل بن طالبلو. "لا تنظروا إلى إيران كدولة متعددة الأعراق قابلة للتفتيت. لا تنخرطوا في عملية بلقنة".

وأود أن أضيف، لا تحاولوا إعادة فرض نظام ملكي قديم. بعض دعاة التغيير في إيران يلتفون حول رضا بهلوي، نجل الشاه المخلوع في ثورة ١٩٧٩. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وبريطانيا ارتكبتا هذا الخطأ من قبل، في انقلاب ١٩٥٣ الذي نصّب الشاه مكان محمد مصدق، رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا. قد يكون رضا مفيدا في المرحلة الانتقالية، لكن الإيرانيين يستحقون ما هو أفضل من العودة إلى الوراء.

الرسالة التي ستتردد صداها لدى الإيرانيين هي أن هذا النظام قد وصل إلى طريق مسدود عنيف - بسبب أخطائه بقدر ما هو بسبب أفعال إسرائيل. ضعفه وفساده يشكلان إحراجا وطنيا.

ينشر الإيرانيون رسائل ساخرة حتى في خضم الفوضى منذ أن بدأت إسرائيل هجومها صباح الجمعة، وفقا لأصدقاء يتصلون بطهران ويطلعون على وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية. بعد اغتيال عدد من العلماء النوويين، صرّح طالب مجهول الهوية بأن أستاذه المتطفل يجب أن يكون على القائمة. عندما قتل كبار القادة العسكريين في شققهم، سأل إيراني غاضب: لماذا يعيشون جميعا في شقق فاخرة؟

ما يغضب الإيرانيين هو أن النظام بدّد الأموال لدعم قوى عميلة معادية لإسرائيل، مثل حماس في غزة وحزب الله في لبنان، بدلا من إنفاق المزيد في الداخل. اعتقلت الشرطة النساء لعدم ارتدائهن الحجاب، حتى في الوقت الذي كان فيه عملاء الموساد يهرّبون الطائرات المسيّرة التي قتلت كبار القادة العسكريين يوم الجمعة. جادل بن طالبلو، معبّرا عن رأي قال إنه يعبّر عنه على نطاق واسع في طهران بعد الهجوم الإسرائيلي: "بينما كان المنظّرون يؤمّنون النوافذ، تركوا الباب الأمامي مفتوحا على مصراعيه".

وجادل سجادبور بأن النهج الصحيح في التفكير في تغيير النظام هو تشجيع القومية الوطنية، بعيدا عن الملالي. وقال لي: "ما يجب أن يأتي بعد ذلك هو مجموعة من القادة الذين لا يكون مبدأهم التنظيمي الثورة الإسلامية، بل المصلحة الوطنية". "بدلا من شعار "الموت لأمريكا"، يجب أن يكون الشعار "تحيا إيران".

كانت الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩ بمثابة زلزال لا تزال توابعه تدوّي في جميع أنحاء الشرق الأوسط. كانت إسرائيل والولايات المتحدة الهدفين الرئيسيين، لكن المنطقة بأسرها عانت. إن فكرة أن أذى إيران وتدخلها قد يكسبها مظلة نووية دائمة أمرٌ لا يطاق.

فترات عدم الاستقرار الثوري تفضي حتما إلى التوطيد والبناء. هذا ما حدث في أوروبا عام ١٨١٤ مع مؤتمر فيينا، الذي أنهى قرنا من الاضطرابات العنيفة وجلب ما يقرب من قرن من السلام إلى أوروبا. قبل وفاة وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، الذي كان تلميذا لدبلوماسية الكونت مترنيخ في فيينا، سألته بين الحين والآخر عما إذا كانت لحظة التحول هذه ستأتي إلى إيران والشرق الأوسط.

كثيرا ما كان كيسنجر يهز كتفيه. من يستطيع الجزم؟ بمراقبة الكارثة التي تتكشف الآن لإيران، لا يسع المرء إلا أن يأمل في أن ينبثق من هذه اللحظة مسارٌ يتيح للإيرانيين فرصة لبناء شيء جديد.

  مواضيع أخرى للمؤلف
←  ترجمة خاص...بهتشلي يحذر من تطورات الحرب ويدعو لدعم مبادرة حل «الكردستاني»
←  بولدان: مجلس الأمة التركي الكبير امام مسؤوليات تاريخية
←  ترجمة خاص...الدروس الكبرى من 12 يوما من الحرب مع إيران
←  ترجمة خاص...الحرب الإسرائيلية الإيرانية: انتهت ولكن لم تُحل
←  الفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين:حـــــرب عــــــالمية ثالــــــثة
←  ترجمة...مارك روته:العالم بحاجة إلى حلف ناتو أقوى
←  ريسبونسبل ستيت كرافت:العراق على حافة الهاوية بين إيران والمصالح الامريكية في حرب جديدة
←  صلاح الدين دميرتاش :"حان وقت الشجاعة وليس التحدي"
←  فورين افيرز: ترامب بين دخول الحرب او منع تصعيد كارثي
←  تقييم الوضع والمعضلات وتداعيات الحملة ضد إيران..(رؤية اسرائيلية)
←  ذي ناشنال:الخلاف بين بغداد وكردستان لا يقتصر على الطاقة فحسب
←  ناشيونال انترست:العراق في مرمى نيران الحرب الإسرائيلية الإيرانية
←  مظلوم عبدي: انها مرحلة تاريخية وعلى الكرد التكاتف واخذ مكانتهم
←  فورين افيرز:أمريكا على حافة كارثة في الشرق الأوسط
←  ديفيد إغناتيوس:مهمة إسرائيل في إيران تتسلل إلى تغيير النظام
←  ناشيونال انترست: الصراع الإسرائيلي الإيراني واعادة تشكيل الشرق الأوسط
←  الاتحاد الوطني.. صوت العقل في وجه عواصف الحروب
←  ترجمات / فورين بوليسي: سيناريوهات لنهاية الحرب الإسرائيلية الإيرانية
←  ترجمات / كينيث م. بولاك:خيار طهران الأخطر للرد على إسرائيل
←  ترجمات: تصعيد يضع الشرق الأوسط على حافة الانفجار
←  ترجمات/ نيويورك تايمز:احتمالات تحول الصراع الإسرائيلي الإيراني إلى مزيد من الاضطرابات
←  ترجمات : هل الحرب في الشرق الأوسط باتت وشيكة؟
←  ​موديرن دبلوماسي :الصين تتدخل في الصراع الإسرائيلي الإيراني مع ظهور الدعم الأمريكي
←  ترجمات: الموساد والخطة الأساسية للحملة العسكرية
←  ترجمات/ مايك واتسون:فرض السلام بالقوة
←  الغارديان: إسرائيل وإيران.. هل الصراع مرشح أن يدوم طويلا؟
←  فورين افيرز: توازن القوى الجديد في الشرق الأوسط..أمريكا وإيران والمحور العربي
←  من ضفاف الدجلة والفرات إلى شواطئ نيس
←  كلمة تولاي حاتم: لدينا فرصة تاريخية لحل مشكلة عمرها 100 عام
←  فورين بوليسي: إيران ليست ضعيفة
←  بين انجازات عظيمة ومهام اكثر
←  الرئيس مام جلال.. وضرورات تأسيس الاتحاد الوطني وحماية ثقله الاستراتيجي
←  الرئيس بافل وخطابات تجديد العهد وتصحيح المسار
←  ترجمة وتحرير...أحمد أوزر:أنا هنا لأنني كردي
←  ترجمة وتحرير..بكرهان: نشهد عملية تاريخية في الشرق الأوسط والعالم
←  ترجمة وتحرير..تولاي حاتم أوغولاري: لدينا مسؤولية كبيرة تجاه شعبنا
←  ترجمة وتحرير:السلام يعني تركيا ديمقراطية.. فرص مهمة ومخاطر جدية
←  ترجمة وتحرير: عن وجود القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي في العراق
←  الرئيس مام جلال ونهجه الراسخ للحل السلمي للقضية الكردية في تركيا
←  من مام جلال إلى رشيد:​رئاسة كردية للقمة العربية ...رسائل ومعان
←  بغداد.. اربع ​قمم ومفارقات أربع
←  الصحافة الكردية وتصويب مسار الحكم و جدلية “السلطة الرابعة”
←  العدد (٨٠٠٠) شهادة المهنية والمصداقية في زمن التقلّبات
←  المرصد..بعد العقد الثالث.. الريادة ومواكبة المرحلة
←  مستقبل العلاقات العربية-الكردية في العراق: التحديات، المقومات، والمكاسب
←  ترجماتي..(التعددية القطبية)... تقرير ميونيخ للأمن 2025
←  المجلس الاطلسي:المنافسة الاستراتيجية المتكاملة.. نهج جديد للأمن القومي الامريكي
←  سيرجي لافروف:ميثاق الأمم المتحدة، كأساس قانوني لعالم متعدد الأقطاب
←  ترجمات... ستيفن م. والت: 10 تداعيات على السياسة الخارجية لانتخابات الولايات المتحدة
←  ترجمات...لاري دايموند:الديمقراطية بدون امريكا
←  2025: عام التحول والحسم
←  قسد والإدارة الذاتية ومسؤوليات المرحلة العصيبة
←  التعداد السكاني في زمن الذكاء الاصطناعي
←  استثمار التعداد كفرصة للتقارب وليس التآمر
←  اقليم كردستان في الاستراتيجية الامريكية
←  فورين بوليسي: ماذا يعني فوز ترامب للسياسة الخارجية الأمريكية
←  فورين بوليسي: اسباب خسارة كامالا
←  فورين افيرز: كيف سيغير ترامب العالم؟
←  نيوزويك:أعظم عودة في تاريخ السياسة
←  ستيفن هادلي:محور الخاسرين الذي يقوده شي جين بينغ
←  كل ماتريد معرفته عن سباق البيت الابيض 2024
←  فورين افيرز:امرأة في البيت الأبيض
←  الايكونوميست:عن مدى سوء رئاسة ترامب الثانية
←  ستيفن هادلي:محور الخاسرين الذي يقوده شي جين بينغ
←  ديفيد سانجر:حرب أوسع في الشرق الأوسط، من حماس إلى حزب الله والآن إيران
←  جيم كاراموني:مهمة العزم الصلب في العراق وسوريا و الانتقال
←  دانييل بايمان:تحديد موقع الاستخبارات الإسرائيلية التي مكنت من ضرب نصر الله
←  الاستفتاء بين قبول المبادرات والمجازفة بالمكتسبات
←  صرح شامخ لـ(حراس الحقيقة)
←  صون الحريات هويتنا وعمق استراتيجتنا
←  فرانسيس فوكوياما: الانتخابات والديمقراطية و الاختبار الأعظـم
←  قناة كركوك ومؤسستها الاعلامية ..هدفان وهوية جامعة
←  31 آب واشهار العلاقة الخيانية
←  البروفيسور لويس رينيه بيريس: توضيح المخاطر الاستراتيجية: سيناريوهات الحرب الإسرائيلية الإيرانية
←  فورين بوليسي: عن اعتماد الدفاع الأمريكي في الشرق الأوسط على حاملات الطائرات
←  مشتركات التبادل الثقافي العربي الكردي
←  كوندوليزا رايس: مخاطـــــر الانعزالـــــية
←  مركز أبحاث الكونغرس: واقــع العــراق اليــوم وتحـــدياته
←  الكسندر بالمر:لمــــــاذا ستصعــــــــد إيــــــران؟
←  موديرن ديموكراسي: الخطوة الإيرانية التالية مفتاح ديناميكيات التصعيد في الشرق الأوسط
←  اخيرا.. كركوك في ايد امينة
←  ترجمات...الشرق الأوسط يستعد لحرب أوسع نطاقا
←  الوحدة والتكاتف..رغبة أم مسؤولية؟
←  اوراق في ذكرى الغزو الصدامي وخيانة الطاغية ​
←  ترجمات: استعدادت اسرائيلية وامريكية لـرد إيراني شديد
←  جريمة بشعة وفرار مخز
←  حزب DEM: اجتماعات الخبز والعدالة
←  شهداء تظاهرة كركوك و رسائل متعددة
←  مايكل روبين:السوداني يخاطر بالسيادة العراقية عبر استرضاء تركيا
←  تريندز: عصر طرق الحرير الجديدة في الشرق الأوسط
←  تشارلز ليستر:الواقع اسوأ مما تراه القيادة المركزية الأمريكية
←  هيلاري كلينتون:​كيف تستطيع كامالا هاريس الفوز وصنع التاريخ
←  سيمون ويتكنس:انهيار حلم استقلال إقليم كردستان في مجال النفط
←  بافل طالباني :الانتخابات امرحاسم لكردستان العراق لتصحيح المسار
←  ستراتفور:ما الذي يمكن فعله بالتوغل التركي المتجدد في شمال العراق؟
←  صلاح الدين دميرتاش:نحن أبناء الشعب، سننتصر حتماً
←  مسعود بزشكيان:رسالــــتي للعالــــم الجديـــــد
←  جيك سوليفان:يمكنكم الاعتماد على حلف قوي
←  الرئيس مام جلال..دفاعا عن سيادة العراق والحريات في يوم الاستقلال الامريكي
←  سيادة العراق في خطر.. لماذا هذا الصمت؟
12